فهرس الصفحة
قصة المثل "الحكي إلك يا جارة واسمعي يا كنة"
قصة "إنك لا تجني من الشوك العنب"
قصة "أبصر من زرقاء اليمامة"
قصة "جوِّع كلبك يتبعك"
قصة "حراماً يركب من لا حلال له"
قصة "مواعيد عرقوب أخلف من عرقوب"
قصة "رجع بخفي حنين"
قصة "سبق السيف العذل"
قصة مثل "في الصَّيفِ ضَيعتِ اللبن!"
قصة "على نفسها جنت براقش"
قصة "عش رجباً ترى عجباً"
قصة المثل "لا ناقة لي فيها ولا جمل"
قصة المثل "وافق شنٌ طبقة"
قصة المثال "اليوم خمرٌ وغداً أمر"
دون أن ندري تصبح الأمثال الشعبية جزءاً من وجداننا، نستخدمها في المناسبات المختلفة بطريقة أوتوماتيكية لاختزال الكثير من الكلمات والتعبير عن حالات بالغة التعقيد أحياناً.
كما أن معظم هذه الأمثال يستند في الأصل إلى حكاية تجعل من معناها معززاً في أذهاننا.
في هذه المادة؛ سنتعرف معاً على مجموعة من الأمثال العربية التي تنتمي قصصها إلى عصور مختلفة، وسنتعرف أيضاً على قصص هذه الأمثال ومناسبة استخدامها.
قصة المثل "الحكي إلك يا جارة واسمعي يا كنة" ومتى يستخدم
الأصل فيه (إيَّاكِ أعني واسمعي يا جارة)، ويقال هذا المثل لمن يتوجه بالكلام إلى أحد غير المقصود به، حيث تعود قصة المثل إلى سهل بن مالك الفزاري الذي قصد النعمان فمرَّ بأحياء طيء
وفيها سأل عن سيدها فقالوا الحارثة، ولما قصد بيت الحارثة لم يجده بل وجد أخته، فأدخلته وأكرمته، وكانت امرأة جميلة من أشراف قومها، فرغب سهل بها ولم يجد سبيلاً ليقول لها ما يجول في خاطره، فجلس في حديقة البيت ينشد:
يا أختَ خير البدو والحضارة كيف ترين في فتى فزارة
أصبح يهوى حرَّة معطارة إياكِ أعني واسمعي يا جارة.
فأرسل قوله مثلاً يراد به قول أمر يقصد به التلميح، فخاطب غير المقصود بغير المراد، ومثله في العامية (الحكي إلك يا جارة واسمعي يا كنة).
مقالات ذات علاقة
أشهر قصائد شعر الرثاء
كلمات ومؤلفي النشيد الوطني للدول العربية
القصائد العربية التي تم تلحينها وغناؤها
أشهر قصائد وكلمات المديح النبوي
اليأس في الشعر والقصائد العربية
قصة "إنك لا تجني من الشوك العنب" ومتى يستخدم
يقال أنَّ صبياً رأى والده يزرع شتلة في الأرض، وإذا به بعد فترة يقطف منها العنب وقد كبرت وحان موعدها، فقام الغلام وزرع شتلة من نبات شوكي، انتظرها لتكبر فيجني منها العنب كما جنى والده.
فلما انتظر ولم يجد إلا الشوك سأل والده عن الأمر، فأجابه:
إنَّكَ لا تجني من الشوك العنب، حيث يستخدم هذا المثل للدلالة على العلاقة بين نتائج الأعمال وأسبابها، وعليه المثل الذي يقول: اللي بيزرع هوا بيحصد ريح، أو المثل القائل: اللي بيزرع بيحصد.
قصة "أبصر من زرقاء اليمامة" ومتى يستخدم
قصة زرقاء اليمامة من أشهر أمثال العرب، حيث يحكى أنَّ زرقاء من قوم جديس سميت بالزرقاء لزرقة عيونها.
امتلكت بصراً حاداً حتَّى أنَّها كانت ترى القادمين قبل وصولهم بثلاثة أيام! وقيل أنَّها كانت تطحن الإثمد (الكُحل العربي) وتملأ به عينها.
وفي يوم من الأيام قتلتْ جديسٌ رجلاً يدعى (طمس)، فراح أهل القتيل إلى الملك حسان التبع اليماني (هو الذي قتله كليب والزير سالم لاحقاً) يسألونه الانتقام لابنهم.
وعندما اقترب التبع من موقع جديس (وكان قد علم عن زرقاء اليمامة حدَّة بصرها وقد ذاع صيتها بين العرب أنَّها ترى الشيء من مسيرة ثلاثة أيام) أمر رجاله أن يلبسوا أغصان الأشجار كنوع من التمويه.
بالفعل رأت زرقاء اليمامة أشجار تتحرك، فقالت لقومها:
"يا قوم قد أتتكم الشجر... أو أتتكم حِمْيَر".
لكنهم لم يصدقوها، وقالوا فيما بينهم أن زرقاء لم تعد كما كانت بل صارت تتوهم شجراً يمشي، فباغتهم التبع وجنوده وقضوا عليهم عن بكرة أبيهم وقيل أنَّهم قتلوا زرقاء اليمامة واقتلعوا عينها فوجدوها محشوة بالإثمد، ومن قول اليمامة أيضاً:
أقسم بالله لقد دبَّ الشجر... أو حِمْيَر قد أخذت شيء يُجر
قصة "جوِّع كلبك يتبعك" ومتى يستخدم
أول من قالها ملك من ملوك حِمْيَر، وهي قاعدة سياسية بحتة اتبعها غيره من الملوك، حيث كان الملك الحميَري ظالماً يسلب الناس أرزاقهم ويجعلهم بالكاد يأكلون.
ولم يحفل بالنصح الذي يأتيه من مستشاريه، فلما جاءته زوجته وقد رقَّ قلبها لحال الناس أو خافت منهم؛ فقالت له:
إني لأرحم هؤلاء لما يلقون من الجهد ونحن في العيش الرغد، وإني أخاف أن يكونوا عليك أشياعاً وقد كانوا أتباعاً.
فأجابها الملك:
"جوِّع كلبك يتبعك" وذهبت مثلاً.
قصة "حراماً يركب من لا حلال له" ومتى يستخدم
يحكى أن جبيلة بن عبد الله أغار على إبلٍ يملكها جرية بن أوس بن عامر، وكان من بين الإبل ناقة مما يحرِّم عرب الجاهلية ركوبها، فتركها المغيرون ولم يأخذوها فيما أخذوه، وكان راعي الإبل هو ابن أخت صاحبها، فركض إلى خاله يخبره بالأمر، فقال له:
ردَّ عليَّ تلك الناقة أركبها.
فأجابه الراعي:
يا خال إنَّها حرام!.
فقال جرية:
حراماً يركب من لا حلال له
وذهبت مثلاً، حيث يستخدم هذا المثل عندما يكون الإنسان مضطر لفعل شيء ما لعدم وجود خيار آخر، كأن يسرق ليأكل فيقول حراماً يأكل من لا حلال له.
قصة مواعيد عرقوب أخلف من عرقوب ومتى يستخدم
ويقال أكذب من عرقوب أو أخلف من عرقوب، يقال أنَّ عرقوب رجلٌ من العماليق كان يسكن في يثرب (قريباً من المنامة وليست المدينة المنورة)، فجاءه أخٌ له سائلاً، فقال عرقوب: "إذا طلعت هذه النخلة فلك طلعها"، أي أنَّه وعده بثمرها.
فلما أثمرت جاءه يطلب ثمرها فقال عرقوب:
"اتركها تصير بلحاً"
ولما صارت بلحاً عاوده بسؤاله فقال عرقوب:
"اتركها تصير زهواً"
فلما صارت زهواً قال له:
"اتركها تصير رطباً"
ولما أرطبت قال له:
"اتركها تصير تمراً".
فلما صارت تمراً قطفها عرقوب ليلاً ولم يعطِ أخاه منها شيئاً، فصار خلفه للوعد مثلاً، منه قول الأشجعي:
وعدتَ وكان الخلفُ منكَ سجيةً مواعيد عرقوب أخاه بيثربِ
قصة "رجع بخفي حنين" ومتى يستخدم
كان حُنَيْن إسكافياً (صانع أحذية) من أهل الحيرة، جاءه أحد الأعراب يريد شراء خفين من عنده، لكنَّ الأعرابي أراد أن يأخذ الخفين بثمن بخس، فبدأ يساوم حُنيناً على سعر الخفين حتَّى فقد الأمل من الجدال ورحل دون أن يأخذ الخفين.
غضب حنين من الأعرابي وقرر أن ينتقم منه، فسبقه في الطريق ورمى أحد الخفين على الطريق، ثم ألقى الخفَّ الآخر بعد بضعة أمتار، وانتظر متخفياً إلى أن وصل الأعرابي إلى الخف الأول فقال: ما أشبه هذا بخف حُنين، لو كان معه الخف الآخر لأخذته.
واستأنف طريقه فإذا بالخف الآخر مرمياً على الطريق فنزل عن ناقته والتقطه، فندم على تركه الأول وقد حصل على الثاني فعاد سيراً ليأخذ الخفَّ الأول، عندها خرج حُنين من مخبأه وأخذ الناقة بما عليها وهرب.
عاد الأعرابي إلى قومه فسألوه: "بما جئتنا من سفرك؟"، فقال: "جئتكم بخفي حُنين"، وجرت مثلاً أن يقال للخائب (عاد بخفي حنين).
قصة "سبق السيف العذل" ومتى يستخدم
أول من قاله هو ضُبَّة بن أَدِّ بن طابخة بن إلياس بن مضر، كان لضبة ولدين هما سعدٌ وسعيد، أرسلهما خلف الإبل ليلاً لجمعها وقد تفرقت، فذهب الشقيقان خلف الإبل كلٌّ منهم باتجاه.
وبعد مرور الوقت عاد سعدٌ ولم يعد سعيد، حيث لقيه الحارث بن كعب وقتله ليأخذ برديه (كساء مخطط يُلتحف به).
لم يعلم ضُبَّة ما مصير ابنه حتَّى ذهب إلى الحج، فمرَّ بسوق عكاظ حيث رأى الحارث يرتدي بردة ابنه فسأله عنها.
أجابه الحارث أنَّها كانت على غلام رفض خلعها فقتله، أدرك ضبَّة حينها أنّه يقف أمام قاتل ابنه، فقال للحارث: "بسيفك هذا؟!" فأجابه نعم، فطلب ضبة أن يرى السيف، فلما أمسك بالسيف وهزَّه قال:
"الحديث ذو شجون"، ثم ضربه بالسيف حتَّى قتله، ولما رأى الناس ذلك تجمهروا حول ضبَّة وسألوه: يا ضبة... أفي الشهر الحرام؟! فأجابهم: "سبق السيف العذل"، والعذل هو الملام والعتاب، أيَّ أن الأمر وقع فلا مكان للجدال أو العتاب حوله.
قصة مثل "في الصَّيفِ ضَيعتِ اللبن!" ومتى يستخدم
وهذا أيضاً من الأمثال الشهيرة عند العرب، وأصله أن امرأة كانت تعيش مع رجل ميسور الحال لكنه كبير في السن، فاختلفت معه وتطلقت منه وكان طلاقها منه في موسم اللبن.
ثم تزوجت من شاب فتي وجميل لكنه كان ضيَّق الحال، ولما جاء الصيف وأرادت اللبن فلم تجد إلَّا عند زوجها الأول.
لذا أرسلت تطلب اللبن منه؛ فأجابها: "في الصيف ضيعت اللبن"، ويستخدم هذا المثل للدلالة على التسرع باتخاذ القرار والتخلي عن النعمة ثم البحث عنها بعد فوات الأوان.
قصة على أهلها دلَّت براقش "على نفسها جنت براقش" ومتى يستخدم
لهذا المثل قصتين؛ الأولى أنَّ براقش (وهي كلبة) هربت مع أصحابها من بطش العسكر الذين يهاجمون بلدتهم، وبقيت تنبح حتَّى استدل الجند على مكان أصحابها من نباح كلبتهم فقتلوهم جميعاً.
أو قيل أنَّهم اختبأوا ولم يجدهم العسكر، لكنهم تتبعوا نباح براقش حتَّى وصلوا إلى المخبأ.
أما القصة الثانية تحكي سبب تسمية حصن براقش في اليمن بهذا الاسم، حيث أن هذا الحصن كان قوياً منيعاً، وخارج الحصن بئر ماء هو المورد الوحيد لسكان الحصن.
فلما حاصرهم العدو أصبحوا يخرجون خلسة في الليل عبر نفق بين الحصن والبئر ليجلبوا الماء، استمر الحصار فترة لا بأس بها إلى أن عبرت الكلبة براقش النفق إلى البئر لتشرب.
فسمع نباحها العسكر وتبعوها في النفق فتمكنوا من دخول الحصن وفتكوا بأهله.
يستخدم هذا المثل غالباً للدلالة على الأعمال التي تعود على أصحابها بالسوء ويقال في هذه الحالة على نفسها جنت براقش، أو للدلالة على نذير الشؤم ويقال في هذه الحالة على أهلها دلَّت براقش.
قصة "عش رجباً ترى عجباً" ومتى يستخدم
يروي أبو عبيد البكري أن العرب كانوا يقصدون مكة في شهر رجب ويشكون مظالمهم إلى الله عند الكعبة فلا يتأخر عقاب الظالم، ومنها قولهم من باب التهديد: عش رجباً ترى عجباً.
أما القصة الثانية أن الحارث بن عباد بن ثعلبة طلق زوجته بعد أن كرهته، فتزوجت من بعده رجلاً أحبته وأعطته من المحبة والحنان ما لم تعطه للحارث.
فلقي زوجها الجديد الحارث وأخبره أنَّها أعطته من الحب ما يريد، فأجابه الحارث: عش رجباً ترى عجباً.
وقيل أنَّه قال عش رحباً (بالحاء) بمعنى عش طويلاً (عيش كثير بتشوف كثير) والقصد أن الأحوال تتبدل والزمن يغير الناس وطباعهم، فاصبر لترى ما تكون عليه الحال غداً.
قصة المثل "لا ناقة لي فيها ولا جمل" ومتى يستخدم
هي قصة الحارث بن عباد الذي رفض المشاركة في حرب البسوس بين تغلب وربيعة، وقد كان سبب الحرب أن كليباً قتل ناقة البسوس.
فقام جساسٌ لقتل جمل كليب لكنه قتل كليباً نفسه، فاشتعلت الحرب بين أبناء العمومة، ولما دعي ابن عباد إلى الحرب رأى أنَّها حرب غير محقة لا لطرف الزير سالم أخو كليب المقتول ولا لطرف مرة ابن ربيعة والد جساس القاتل.
فأبى النزول وقال: لا ناقتي فيها ولا جملي"، فصارت جملته هذه مضرباً للمثل تدل على البراءة من الأمر.
قصة المثل "وافق شنٌ طبقة" ومتى يستخدم
(شنٌ) هو اسم رجل، كان يتسم بالدهاء والذكاء بين قومه، فعزم ذات يومٍ أن يسير باحثاً عن زوجة تجاريه في الذكاء والدهاء.
وفي طريقه تعرف إلى رجل من ذات البلاد التي يقصدها فرافقه، وعلى الطريق سأله شنٌ: "أتحملني أم أحملك؟" فاستعجب الرجل وأجابه: "يا جاهل، أنا راكبٌ وأنت راكب، فلمَ يحمل أحد منا الآخر!".
لم يفسر شن مقصده وتابعا المسير، فرأى شنٌ زرعاً حان وقت حصاده فتساءل: "ترى؛ هل أُكل هذا الزرع أم لم يؤكل؟"، فأجابه صاحبه: "ما أجهلك، تراه أمامك وتسأل إن كان قد أكل أم لم يؤكل؟!" فسكت شن عن جوابه.
بعد ذلك مرَّ الرجلان بجنازة، فسأل شنٌ صاحبه: "ترى أحيٌّ صاحب النعش أم ميت؟"، تعجب الرجل لجهل صاحبه وقال له: "ما رأيت أجهل منك، ترى جنازته وتسأل أحي هو أم ميت؟!".
فسكت شنٌ عن مبتغاه وأراد أن يفارق رفيق دربه، لكن الرجل أبى أن يتركه حتَّى اصطحبه إلى بيته للغداء، وكان للرجل بنت تدعى طبقة، قصَّ عليها ما كان من شأن ضيفه وجهله، فأجابته:
"يا أبتِ ما هذا بجاهل، فأما قوله أتحملني أم أحملك يقصد فيه أتحدثني أم أحدثك في الطريق.
وأمَّا قوله عن الزرع إن كان قد أُكل أم لم يؤكل يقصد بذلك إن كان أصحابه باعوه وأكلوا ثمنه أم لم يبيعوه بعد، وأمّا سؤاله عن الميت إن كان حياً أم ميتاً فهو يسأل عن ذريته إن كان قد ترك من يحي ذكره بين الناس".
ولما أخبر الرجل ضيفه بتفسير أسئلته، قال له شن: "ما هذا كلامك، فمن قائله؟"، فأخبره عن ابنته طبقة، فوجد شنٌ بذلك ضالته وقالت العرب وافق شنٌ طبقة، ويوازيه بالعامية قولنا "طنجرة ولقت غطاها".
قصة المثال "اليوم خمرٌ وغداً أمر" ومتى يستخدم
قائل هذا المثل الشاعر امرؤ القيس، حيث أنَّه كان مخاصماً لأبيه الملك حجر الكندي، فلما بلغه خبر مقتل والده -وكان آنذاك لاهياً مخموراً أكثر وقته- قال:
"ضيعني صغيراً، وحمَّلني دمه كبيراً، لا صحو اليوم ولا شرب غداً، اليوم خمرٌ وغداً أمر" فصارت مقولته مضرباً للمثل.
ختاماً.... زاخرة هي الذاكرة بالأمثال الشعبية بالفصحى والعامية، منها ما هو معروف الأصل والقصة ومنها ما هو مجهول تم تركيب قصص متعددة لتتناسب معه.
كما أن بعض الأمثال جرت بين الناس من الشعر والأقوال، على غرار قول الطائي للنعمان (إن غداً لناظره قريبُ)، أو قول الشاعر الخاسر (من راقب الناس مات همِّاً)، إضافة إلى مئات الأمثال الأخرى التي خرج بعضها من دائرة الاستعمال اليومي إلى التراث المحفوظ في الكتب.