-->
جاري التحميل ...

ساويرس الاسطورة

-1-
-2-

 ساويرس الاسطورة 

هو انسى نجيب ساويرس ابن سوهاج ، ولد فى 30 أغسطس 1930 ، كان اصغر ابناء المحامى نجيب ساويرس الذى كان من أنجح المحامين فى الصعيد كله ، اما والدته السيدة بديعة فكانت قوية الشخصية وحازمة.


دخل انسى كلية الزراعة بجامعة القاهرة  تلبية لرغبة ابيه للاشراف على اراضى العائلة الزراعية التى كانت حوالى 50 فدان ، لكنه لم يحب هذه المهنة، ولم يتصور نفسه قابعًا فى الأرض طيلة عمره ، كذلك كان الفلاحين يعتبرونه  "افندى" غريبًا عليهم ، كان يريد شئ اكبر لا يعلم ما هو ..


 كانت البداية عندما اراد ابيه تعلية بيت من ثلاثة ادوار يمتلكه بشارع النيل فى سوهاج ، أراد إضافة دورين إليه فأستعان بخدمات مقاول طيب السمعة اسمه "لمعى يعقوب" ، كان انسى يقف مع المعلم لمعى ليباشر البناء بدلاً من ابيه وقد سحرته شخصية لمعى "ابن السوق" وذكائه فى الادارة والتعامل مع الجميع ، كما تعلم منه الكثير ، كان لمعى موهوبا فى الحسابات والتخطيط والتصميم رغم أنه لم يكن خريج جامعة . نمت صداقة بينهم وتحولت الى شراكة عندما قرر انسى دخول مجال المقاولات، فأسسا معا شركة مقاولات سنة 1950 تحت اسم «لمعى وأنسى» للمقاولات والعنوان التلغرافى لهذه الشركة كان «أوراسكوم» .




كان أول عقد حصلت عليه الشركة عملية حفر آبار للمياه وتركيب طلمبات ومواسير فى 18 موقعًا بسوهاج، ثم حصلوا على عقد أكبر وهو إنشاء محطة مجارى أسيوط وبعدها توالت العقود، وكان معظمها من وزارة الرى التى  كثفت اهتمامها بالصعيد فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر ، توسع نشاط الشركة وتوالى فتح مكاتب لها فى أسيوط ، المنيا والمنصورة ثم القاهرة ، كانت الشركة ناجحة لكن عام 1961 اتت الصاعقة التى حطمت اصحابها فنتيجة إتجاه الدولة للاقتصاد الاشتراكى صدر قرارً بتأميم الشركة وتم تعيين انسى فيها موظفاً !! أخرجوه من مكتبه ليحتله رئيس مجلس الإدارة المعين بعدها تم دمج شركتهم مع شركة عبود باشا وشركة بلجيكية للمقاولات ليصبح اسمها "شركة النصر للأعمال المدنية" .



صدم وكان يستيقظ كل يوم مكسور النفس ليذهب للعمل كموظف بمرتب 150 جنيهًا فى الشركة التى يملكها ، ملأته المرارة واسودت الحياة فى عينيه وهو لا يعرف متى سينتهى هذا الكابوس ، وصف هذه الفترة بأنها (اسود ايام حياته) ، بعد خمس سنوات مؤلمة اتى الفرج اخيراً برفع حظر السفر عنه بعد ان أطمأنت الدولة ان موظفيها قد الموا بكل جوانب إدارة الشركة وبأنها مستقرة وفى حالة ربح .



سافر من مصر إلى ليبيا المجاورة وربما يشير هذا الى ان الهجرة الدائمة لم تكن فى ذهنه رغم كل ما حدث له .. وهناك بدأ من الصفر مرة أخرى وكان سلاحه ايمانه وعقله بعد ان فقد كل شئ. 



دخل مجال المقاولات وكانت المنافسة شديدة من جهة الإيطاليين، فقد كانت المملكة الليبية مستعمرة ايطالية سابقة ولهم خبرة ومكانة كبيرة فيها وسمعتهم جيدة بين الشعب الليبى لجديتهم فى التنفيذ والالتزام بالمواعيد . رغم ذلك عمل باجتهاد واستطاع صنع اسم له فى السوق ، نجح واحس ان الحياة عادت تبتسم له من جديد خاصة بعدما زادت ارباحه واستفاد من الانتعاش الذى احدثته زيادة عائدات النفط فى ليبيا حيث تضاعفت أسعاره أكثر من خمسة أضعاف عام 1974 نتيجة حرب اكتوبر  1973وقرار العرب قطع امداد النفط عن العالم الغربى دعماً لمصر..



على الصعيد الشخصى كان قد تزوج في سن 23 عاما من "يسرية لوزة" التى كان تبلغ الـ 17 عاما، وانجب منها ابنائه الثلاثة ، وإيماناً منه بقيمة التعليم الجيد وان علم الانسان هو الثروة التى لا يستطيع حاكم سلبها منه ، أرسل أبنائه الثلاثة إلى الدارسة فى الخارج معتبراً ذلك افضل إستثمار فى حياته . فى البداية تعلموا جميعهم فى المدرسة الألمانى بالقاهرة ثم سافروا. كان فى ليبيا وحده وتركهم فى مصر لعدم وجود مدارس اجنبية فى ليبيا وقتها وكان يعود لهم فى الاجازات.



ويلفت النظر منهجيته فى ارسالهم الى بلاد مختلفة لينالوا خبرات وعلوم من ثقافات متنوعة فـ «نجيب » المولود عام 1954 والذى اسماه على اسم ابيه ارسله للمعهد العالى للتكنولوجيا بزيوريخ. و«سميح » المولود عام 1956 أرسله لدراسة الهندسة فى برلين أما «ناصف» المولود عام 1960 فدرس الاقتصاد فى جامعة شيكاغو . كما كانت تربيته لأولاده شديدة الصرامة ولم يسمح للمال ان يفسدهم وحتى فى اسفارهم كان يعطيهم القليل من المال ليبحثوا عن عمل يصرفوا منه على انفسهم. وفى كل تفصيله يرويها المهندس نجيب ساويرس (الاكثر اتصالا بالإعلام) تدرك ان ذلك الاب كان حريصاً ان يربى رجالاً يعتمد عليهم.



فى منتصف السبعينات اطلقت الدولة فى مصر سياسة الانفتاح الاقتصادى للعودة للسوق الحر فأحس "أنسى" ان المناخ قد تغير وان الوقت قد حان ليعود لوطنه ،  فعاد لمصر عام 1976 بعد اكثر من عشر سنوات فى ليبيا وأسس شركة "أوراسكوم للمقاولات العامة والتجارة" فى شقة من حجرتين وصالة مع موظفان هما « نبيلة المنقباوى» ابنة أخته والمهندس «شريف فانوس» ،عملت الشركة فى المقاولات العامة الحكومية لأنشاء البنية التحتية  التى كانت تحتاجها مصر بشدة فى تلك المرحلة (الطرق- خطوط السكك الحديدية والمترو - الكبارى). 



بالاضافة لمجال اخر تعلمه فى سنوات غربته وهو مجال التوكيلات التجارية الذى صعد نجمه فى مرحلة الانفتاح ، وكان اول توكيل يحصل عليه هو توكيل "فولفو" السويدية وبعدها توالت التوكيلات ، توكيل شركة HP للحاسبات ، توكيل AT&T لأجهزة الإتصالات ، توكيل ”مايكروسوفت” “و IBM ” “سيسكو سيستمز” وغيرها الكثير. وثقت فيه هذه الشركات الكبرى لما عرف عنه من مهارة وامانة فى تمثيل موكليه ، لذلك كان يرى دائما ان اغلى ما يمتلكه الإنسان هو "السمعة".



فى النصف الثانى من التسعينيات اتسع حجم إستثمارات “أوراسكوم للمقاولات” بدخولها في مجال الإنتاج الصناعي لمواد البناء ، الأسمدة ،المواسير ، الحديد الصلب والغاز السائل ليقسم أنسي ساويرس الشركة القديمة بين أبنائه الثلاثة لتظهر في شكل الشركات الثلاث الموجودة اليوم: أوراسكوم تليكوم للاتصالات، أوراسكوم للفنادق والتنمية ، أوراسكوم للإنشاء والصناعة. وهذه علامة أخرى من علامات نبوغ الرجل فهو لم يتشبث بإدارة اعماله حتى النفس الاخير كما يفعل البعض بل ترك لأولاده فرصة النمو تحت اشرافه.



عام 1998 كانت إنطلاقتهم فى عالم الهاتف المحمول بشركة "أوراسكوام تليكوم" المالك لشركة موبينيل فى مصر ثم توسعت فى تحالفات لإنشاء شبكات محمول فى الشرق الأوسط وأسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا.. واستمرت اعمال العائلة فى النمو. ويبلغ عدد العاملين فى شركات آل ساويرس أكثر من ١٢٠ الف شخص فى مصر والعالم.



عام 2001 اسست السيدة يسرية لوزة زوجته مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية والتى تساهم فى الكثير من المشروعات التنموية  ، كما تقدما دعما منذ سنوات بعيدة لجامعى القمامة بالقاهرة وتساعدهم على التطور لأفادة انفسهم وبيئتهم.



لإيمانه بقيمة التعليم وفر من خلال"مؤسسة ساويرس" عدد من المنح الدراسية الكاملة التى تغطي المصاريف الدراسية، وتكاليف المعيشة والسفر والتأمين الصحي للطلاب المصريين حيث تتيح لهم متابعه البرامج أو التخصصات بدرجة البكالوريوس والماجستير فى كبرى الجامعات الأمريكية . وتشترط المؤسسة ان تكون لدى المرشحين للمنحة النية في الرجوع إلى مصر لمدة سنتين مباشرة بعد نيل الدرجة العلمية لإفادة مصر.



والحقيقة ان للعائلة الكثير من الايادى البيضاء فى العمل الخيرى ودعم الثقافة والفنون وهذا يحتاج للكثير من المساحة ، فى مارس 2015 كرمته الكنيسة القبطية الارثوذكسية بمنحه جائزة «الحكمة والشفقة» خلال الاحتفال بالذكرى الثالثة لرحيل البابا شنودة الثالث.



يوم 29 يونيو 2021 سافر انسى ساويرس للسماء بعد رحلة حياة ملهمة حافلة بالكفاح والمثابرة.

-3-
-4-

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

مدونة كورس 7

2021