احذروا جرس إنذار مشاكل أسرية تنتهي بالانتحار
العلاقات الأسرية: الإحساس بالقهر وعدم توفر بيئة مناسبة للانتماء والأمان والحب سيؤدي لتفكير الشخص في الانتحار
حوادث الانتحار دائما يسلط عليها الضوء بسبب فداحة الموقف، وما تحمله من مشاعر سلبية، وأسئلة عديدة يتم طرحها، منها:
«هى ليه عملت كده؟،
ليه تعمل فى نفسها كده؟،
مفيش حاجة تستاهل تموت نفسها؟»،
وتساؤلات عديدة أخرى،
ولكن في النهاية يجب التعرف على الأسباب التي تؤدى لتفكير أي شخص في الانتحار
قهر
أمان
إنتماء
حب
الدكتورة رضوى فتحي استشاري العلاقات الأسرية والصحة النفسية قالت:
« إن أي شخص يُقبل على الانتحار يكون
لافتقاده ثلاثة أمور،
هى (الأمان والإنتماء والحب)،
ومُرفق معهم إحساس بالقهر،
من الممكن أن يكون بسبب قهر الأهل
أو المدرسة
أو الكلية،
أو ضغط الأقران والأصحاب والأصدقاء،
أو الأخوات».
: «لا نستطيع القول بأن الأهل هم السبب الرئيسي،
ولكن أي أمور ستوفر الإحساس بالقهر مع عدم توفر بيئة مناسبة للانتماء والأمان والحب سيؤدي لتفكير الشخص في أفكار انتحارية».
الأهل مرآة لأبنائها
وأشارت الدكتورة رضوى فتحي إلى أن الأهل هم مرآة أبناءهم، بمعنى معرفة حالة الأبناء العامة، وظهور سلوكيات مختلفة عليهم، وهل يوجد أي سلوك متغير، مثل الانطواء، احساسهم بعدم الفرحة، فقدان الشهية،
فلابد من مراقبة هذه العلامات، هناك علامات تُعد ناقوس إنذار قائلة
: «مش بنقول أن الابن أو الابنة أصيبوا بالإكتئاب، ولكن يوجد بعض أعراضه»،
والاهتمام يكون في جميع المراحل العمرية،
فمن سن 5 سنوات، الطفل يستطيع قول:
«أنا بكره حياتي ومش بحبها»،
والأم والأب والدوائر الأقرب دورهم مهم جدا، لأنهم مطالبين أن يكونوا مرآتهم.
انعدام التواصل البصري
وأوضحت استشاري العلاقات الأسرية أن العين أصبحت بعيدة عن التواصل مع من يوجد حولك، وأصبح التركيز على الهاتف المحمول
، فلا يوجد اهتمام ولا تواصل بصري،
وبالتالي الأهل لم يكونوا على دراية بقراءة مشاكل أبنائهم من خلال لغة الجسد،
وعلى الأم والأب من سن 5 سنوات سؤال أبنائهم عن أحوالهم،
وإلى سن ما لا نهاية، فهذا يفتح باب الأمل للأبناء، مثل:
«أنت عارف إني بحبك»،
و«أن فى ظهرك وبدعمك»،
كل هذا الكلام يجعله يشعر بالاهتمام.
صندوق أسود
وأكدت فتحي أن واقع الأمر في المجتمعات أن الأبناء متواجدين في حجرات مغلقة،
لايوجد تواصل، يلعبوا بالكمبيوتر أو البلاي ستيشن أو الموبايلات وغيرها،
والأهل لا يعرفوا عنهم شئ، وأصبحوا صندوق أسود،
مضيفة أنه من واقع عملها في الجانب النفسي،
«هناك أطفال يقولوا أهلي ميعرفوش عني حاجة وأنا صندوق أسود لهم،
لما بكلم بابا عمره ما بيهتم بيا، مش بيسمعني ودايما بيهاجمني»،
وبعد فترة الولد يقول أنا مللت من حياتي،
ومن هنا تبدأ الأفكار الانتحارية.
الدعم المادي والمعنوي
وقالت: «أحيانا بعض الأسر الغنية، يقدموا الدعم المادي مقابل مشاعر أساسية وهى الحب والأمان والانتماء، ولكن الأسر المتوسطة لا تستطيع توفير الماديات، فيكون المقابل إعطاء المعنويات، فكلما زادت الرفاهية زادت الفجوة بين أفراد الأسرة، وكلما زادت مساحة الحرية للأبناء وإعطاءهم مساحة للخصوصية كل ما زاد الانعزال».
نسبة مرتفعة
وأضافت «يوجد حوالينا حوادث انتحار كثيرة، ولكنها غير مصورة، ولا يوجد حديث عنها، وهناك محاولات إنقاذ المنتحرين ودول كتير برضه، ومش بس الأطفال والمراهقين، ولكن هناك حالات لرجال وسيدات، مش لاقيين اللي يسمعهم، وهذا يولد لديهم أفكارا انتحارية، ومع زيادة الضغط تولد أفعالا انتحارية، ونسبتها كبيرة، أكثر من 70% من الذين يترددون على المراكز النفسية لديهم أفكار انتحارية».
دور مهم
وأشارت فتحي إلى أن هناك حالات تستطيع مساعدتهم ليحيدوا عن فكرة الانتحار، الأطفال والمراهقين نحاول مساعدتهم للبحث عن المشاعر المُفتقدة من الدوائر الموجودة حوله، قائلة: «دوري مهم، ولكن ليس مع الشخص نفسه فقط، ولكن مع الأسرة أيضا، لا يصح العمل مع الابن فقط، وإلا سيكون ضيفا دائما لمراكز الاستشارات النفسية».
العلاج الجماعي
«مجموعات التواصل الاجتماعي، والمجموعات العلاجية، لها دور كبير، وتكون المجموعات العلاجية للكبار وللمراهقين والأطفال، لأنه عندما يجد الدعم من البيئة المحيطة به، أو الأسرة يجد لنفسه أسرة جديدة لديهم نفس المشكلة، وبالتالي فالدعم النفسي من خلال الجروبات أو العلاج الجماعي والاستشارات الجماعية مهم جدا، حتى لا يشعر بالوحدة»، كلمات أكدتها دكتورة رضوى فتحي، لبيان أهمية العلاج الجماعي، والذي يتم العمل به في كثير من مراكز الاستشارات النفسية.
إيذاء نفسي
وقالت إن نشر الفيديوهات الخاصة بحوادث الانتحار خطأ كبير، لأن العديد من الذين يقوموا بالانتحار تقديرهم لذاتهم قليل جدا، ويشعروا بأنهم ليس لهم قيمة، وعندما يُقبل على الانتحار الناس تتعاطف معه ويكون هناك قيمة للحدث، قائلة:«يعنى هو بيفكر أنه لما يعمل كده الناس هتتعاطف معاه فيجعله يُقبل على فعل الانتحار حتى يهتم به الناس، وليس شرطا أن يكون الإيذاء بالانتحار فقط، إنما يكون بأي إيذاء لنفسه، عندما يتم نشر فيديو لحالة منتحرة، من يفكر في الانتحار من الممكن يشوف أن البنت محدش يعرفها فاتعرفت بعد انتحارها وأصبحت محط أنظار الجمهور، وبذلك يكون حافز له، فضلا عن معاناة الأهل، خاصة في حالة وجود أخوات، بالإضافة للإحساس بتأنيب الضمير».
نقلا عن اخبار اليوم